“Khartoum Has Used Chemical Weapons since 1999”
Overview published by al-Hurriyat (in Arabic) of my recent commentary on chemical weapons use | http://www.hurriyatsudan.com/?p=210218
إريـك ريفـز : الخرطـوم استـخدمـت الـسـلاح الكيـميائي منـذ (1999
(حريات)
وصف البروفيسور إريك ريفز – الخبير الامريكى فى الشؤون السودانية – ، وصف تقرير آمنستي انترناشيونال حول تدمير جبل مرة بأنه الهزة الأشد لضمير العالم ، و (الأكثر تفصيلا وأوسع مدى ، وأكثر شمولا من أي شيء شهدناه حتى الآن)، وأورد إفادات سابقة باستخدام نظام الخرطوم للسلاح الكيمياوي منذ 1999م، منتقداً التواطؤ الدولي الذي تسبب في حصانة نظام الخرطوم.
وكتب ريفز بمدونته الخميس 29 سبتمبر، نفس يوم صدور تقرير منظمة العفو الدولية (آمنستي انترناشيونال) الأخير ، بعنوان (تواصل الإبادة الجماعية للقضاء على التمرد في دارفور: منظمة العفو الدولية تقدم سجلاً صاعقاً للمعاناة والدمار خلال هجوم قوات الخرطوم على جبل مرة في 2016).
وكان تقرير آمنستي صدر بعنوان (أرض محروقة وهواء مسموم: قوات الحكومة السودانية تدمر جبل مرة في دارفور)، وأثار ردود فعل ضخمة وسط الرأي العام السوداني والعالمي.
وابتدر ريفز مقالته المطولة بالقول : (لا يمكن أن يكون هناك هز أشد لضمير عالم اختار أن يسمح لدارفور أن تكون “إبادة الأمس الجماعية”. ففي تقرير العفو الدولية هذا المبحوث بصورة استثنائية ندرك إلى أي مدى كانت هجمات قوات الخرطوم العسكرية في منطقة جبل مرة منذ بدئها في منتصف يناير 2016م وحشية، وإلى أي مدى كانت همجية التدمير). وأضاف: (إن التفاصيل التي اتيحت للباحث الرئيسي، جوناثان لوب، في شكل 231 مقابلة كانت موجعة مما يجعل قراءتها أمر مؤلم بشكل لا يطاق. ويجعل كذلك الاستنتاج بأن الخرطوم استخدمت أسلحة كيميائية مروعة ضمن حملتها لتدمير المدنيين أمراً لا مفر منه).
ووصف ريفز لا مبالاة نظام الخرطوم بحياة المدنيين قائلاً بأن المقابلات التي أجريت مع 184 من الناجين من هجماتها تظهر أن (المجهود الحربي الأساسي لم يكن موجهاً ضد متمردي جيش تحرير السودان- فصيل عبد الواحد، بل للمدنيين الفور الذين يعيشون في جبل مرة. لقد تضمنت تلك الهجمات قصف قرى خالية من الوجود العسكري، وهجمات برية على مدنيين وقرى كانت بعيدة عن أي نشاط أو وجود لجيش تحرير السودان، واستخداماً متكرراً للأسلحة الكيميائية ما أسفر عن مقتل أكثر من 250 شخصا، وربما أكثر من ذلك بكثير). وأضاف: (إن الاغتصاب والقتل والتعذيب والنهب وحرق القرى، والتشريد الجماعي هو ما وسم الهجوم على جبل مرة).
وحذر ريفز من نوبة دمار جديدة قائلاً: (بينما خبا الهجوم مع بداية موسم الأمطار في أواخر شهر مايو، فإننا سوف نشهد في أكتوبر بداية موسم الجفاف الطويل حيث تستعد الخرطوم الآن لاستئناف هجومها في المنطقة، بمساعدة قوات الميليشيات، وعلى رأسها القوات الدعم السريع).
وأورد ريفز ما ذكرته آمنستي في تقريرها “أرض محروقة، وهواء مسموم” من إحصاءات مريعة إذ أن (ما يصل إلى 250,000 شخص قد شردوا جراء هجوم الخرطوم على جبل مرة في 2016. ويكاد يكون مؤكداً أن عدد القتلى آلاف عديدة، وتم ارتكاب عدد لا يحصى من عمليات الاغتصاب والاعتداءات الوحشية، وتم تدمير أعداد ضخمة من القرى كليا أو جزئيا- تفيد منظمة العفو بأن “مئات القرى هوجمت بين يناير وسبتمبر 2016”).
ويقول ريفز واصفاً التقرير الصادم: (إن القراء المواظبين لراديو دبنقا يعرفون الكثير عن طبيعة هجوم الخرطوم في 2016م على سلسلة جبل مرة. ولكن العفو الدولية تمد بوصف أكثر تفصيلا وأوسع مدى، وأكثر شمولا من أي شيء شهدناه حتى الآن. إن قصص الأفراد مؤلمة لدرجة تكاد تكون لا يمكن قراءتها. ولكن ذلك الألم ينبغي أن يتحمله أولئك المهتمون بمصير القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني. إن الجرائم المفصلة هنا من الفظاعة بحيث أن الفكرة هي أن القانون الدولي في خطر إذا لم يقدم نظام الخرطوم للمساءلة ولم يثن عن تجديد هجومه لموسم الجفاف القادم، والذي يشكل تقليديا موسم القتال الأساسي في دارفور).
وأضاف ريفز اقتباسات مطولة من فقرات التقرير التي تصف الإفادات حول استخدام السلاح الكيماوي، محاولا استخلاص النتائج الأساسية في تقرير العفو الدولية حول ذلك الاستخدام والذي استند على (العديد من المقابلات وعشرات من الصور لضحايا تم تحليلها من قبل متخصصين في مجال الأسلحة غير التقليدية).
وشرح ريفز الحاجة لأخذ عينات بيئية وبشرية لتأكيد الاستنتاج باستخدام السلاح الكيميائي، وهو ما تقف أمامه عقبات تقييد الوصول لجبل مرة حتى لقوات اليوناميد برغم أن الاتفاقية التي وقعتها الخرطوم بشأنها في يناير 2008م نصت على حرية تنقلها، بالإضافة لطرد المنظمات الإنسانية العاملة هناك، والحصار على جبل مرة الذي يمنع وصول الصحفيين والباحثين في مجال حقوق الإنسان إذ بحسب تعبيره القديم فإن معظم دارفور وجبل مرة “صندوق أسود”، أي مغلق بلا إمكانية للوصول والبحث. ثم قال: (ومع ذلك هناك اتساق مرعب بين الإفادات حول هجمات الأسلحة الكيميائية. وبالرغم من وجود بعض اختلافات في الإفادات – وأكثر من مادة كيميائية مستخدمة كسلاح ضمن ترسانة الخرطوم، فإن الصفحات 69-94 من التقرير تقدم الكثير جداً من التفاصيل المتسقة، والكثير جداً من الصور الفوتغرافية المتشابهة لأجساد الضحايا، وإفادات شارحة من اثنين من االمختصين الذين يحظيان باحترام كبير وظفتهما منظمة العفو الدولية لتحليلها، إنه ببساطة لا يمكن أن يكون هناك أي شك معقول حول استخدام النظام للأسلحة الكيماوية). وأضاف رييفز: (هذا يتطلب تحقيق دولي وفقاً لشروط اتفاقية الأسلحة الكيميائية، والسودان اسميا طرف فيها. ولقد عرض التقرير الالتزام القانوني بإجراء التحقيق بطريقة مقنعة ودامغة).
ثم شرح ريفز في مقاله الأساس الذي بنت عليه العفو الدولية استنتاجاتها بشأن استخدام الخرطوم للسلاح الكيميائي في جبل مرة. متطرقاً للـ57 مقابلة التي استندت عليها آمنستي في تقريرها والتي رصدت استخدام الخرطوم للغاز السام خلال هجماتها في جبل مرة، بالإضافة للأدلة الفوتغرافية.
قال ريفز: (وثقت منظمة العفو الدولية 32 هجمة يشتبه بأنها بالأسلحة الكيميائية في جبل مرة بين يناير وسبتمبر 2016. وقعت أولى الهجمات خلال بدء هجوم الحكومة في منتصف يناير ووقع الهجوم الأخير الذي وثقت له منظمة العفو يوم 9 سبتمبر).
واهتم ريفز بإيراد إفادات لعدد من الذين قاموا بتقديم الرعاية الطبية لضحايا السلاح الكيميائي في مناطق جبل مرة الأربعة التي فصلها التقرير: إفادات حسن المطولة من غرب جبل مرة، وإفادة عبد الجبار من جنوب جبل مرة، وإفادة إسحق من شمال جبل مرة، وإفادة خميس من وسط جبل مرة، (مع التنويه بان تلك الأسماء وهمية لأشخاص حقيقيين – غالباً لحمايتهم من تنكيل النظام). حيث أورد رييفز إفادات المذكورين التي تصف الأعراض على الضحايا من غثيان وقيء وإسهالات وتغيير في لون العيون للأحمر او الأصفر أو الأخضر أو البني، وتغير في لون البول وفي رائحته وفي رائحة النفس، والبثور والطفح الجلدي والتورم، ونوبات الصداع، والرجفة التي تشبه الصرع، وتغير لون الجلد، وعلو أو انخفاض ضغط الدم، وغيرها من الأعراض والصور الفوتغرافية المتشابهة بين الإفادات والحالات المختلفة.
وبعد تلك التفاصيل التي وردت مطولة في مقال ريفز يقول: (لا يمكن إغفال اتساق هذه الإفادات التي جاءت كلها من مقدمي الرعاية للضحايا. كما لا يمكن أن يكون هناك أي شك في أن تلك الأعراض نتيجة لعوامل كيميائية. إذ لا يوجد مرض بشري يسبب هذه الأعراض. إن الأدلة قاطعة، بالرغم من أن الاستجابة الدولية في الماضي لانتهاك الخرطوم للقانون الدولي كانت مخيبة بشكل مخزي).
وتساءل ريفز: ما العمل إزاء استخدام الخرطوم الواضح للأسلحة الكيميائية ضد المدنيين؟ ثم أجاب قائلاً: (ينبغي الإشارة بداية لأنه كانت هناك العديد من التقارير السابقة عن استخدام نظام الخرطوم للأسلحة الكيميائية (وكذلك الذخائر العنقودية المحظورة) على مدى سنوات عديدة. فعقبات التحقق الشرعي لا يمكن لحد كبير التغلب عليها نظرا للقيود على حرية الحركة من وإلى المناطق التي تم الإبلاغ فيها عن الهجمات، ولبُعد مواقع الهجوم، وللأولويات الملحة للمنظمات الإنسانية.) ..
(لكن تقريرا لمنظمة أطباء بلا حدود “سويسرا” في عام 2000 كان ينبغي له أن يحرك الموقعين على اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية منذ فترة طويلة). أشار رييفز بذلك ً لدراسة أطباء بلا حدود في فبراير 2000م بعنوان “العيش تحت القصف الجوي: تقرير بشأن تحقيق في منطقة الاستوائية بجنوب السودان”، وقال إن منظمة أطباء بلا حدود-سويسرا ذكرت في مقدمة ذلك التقرير ما يلي: (عناصر هذا التحقيق، المدرجة في التقرير طيه، تميل إلى إثبات أن الاستراتيجية المستخدمة من قبل سلاح الجو السوداني في هذه المنطقة، تهدف عمداً إلى استهداف المنشآت المدنية، مما تسبب في وفيات وإصابات عشوائية، وتساهم في خلق مناخ من الرعب بين السكان المدنيين. وعلاوة على ذلك، تم العثور على أدلة ووجهت مزاعم خطيرة بأنه تم وبانتظام استخدام أسلحة ذات طبيعة محظورة دوليا ضد السكان المدنيين مثل القنابل العنقودية والقنابل ذات “المحتويات الكيميائية”).
وأورد ريفز فقرات عديدة من تقرير أطباء بلا حدود تثبت الهجمات الكيميائية على عدد من القرى. ثم قال: (لم يتم التحقيق في استخدام الأسلحة الكيماوية من قبل الخرطوم بشكل صحيح من قبل الأمم المتحدة؛ ولا دفع المجتمع الدولي بشكل فعال نحو ذلك التحقيق. رغم وجود أدلة مبدئية قوية جداً بأن القوات المسلحة السودانية انغمست في حرب كيميائية في عدة مناسبات، مرة أخرى وبعد عقد من نهاية الأنفال العراقية فإن المجتمع الدولي لا يظهر أي اهتمام بالتحقيق)، ثم يورد اقتباساً من تقرير أطباء بلا حدود المذكور جاء فيه: (إن منظمة أطباء بلا حدود قلقة بشكل خاص إزاء استخدام أو الاستخدام المزعوم للأسلحة محظورة “مثل القنابل العنقودية والقنابل الكيميائية”)..و(بدأت المزاعم بشأن استخدام قنابل كيميائية في 23 يوليو 1999، عندما تم قصف قرى ينيا ولوكا “محلية ياي” بمواد كيميائية. وكرد فعل لذلك الحدث، فقد قامت مجموعة من المنظمات غير الحكومية بأخذ عينات في 30 يوليو، وفي 7 أغسطس فعلت الأمم المتحدة نفس الشيء. وعلى الرغم من أن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية قادرة ومخولة بتنفيذ مثل ذلك “التحقيق في مزاعم الاستخدام” فإنها تحتاج لطلب رسمي مقدم من دولة أخرى طرف في معاهدة حظر استخدام الأسلحة الكيميائية. ونأسف لأنه وحتى الآن، فإن المنظمة لم تتلق أي طلب رسمي من أية دولة طرف بالتحقيق، وأنه منذ أخذ عينات الأمم المتحدة، لم يصدر أي بيان رسمي بشأن هذه العينات ولا نتائج الفحوصات المخبرية).
ويقتبس ريفز من تقرير أطباء بلا حدود كذلك بعض روايات شهود العيان للأحداث القاتمة في محلية ياي، وفي الإفادات الواردة في ذلك التقرير يرد أيضاً ذكر لأعراض التعرض للأسلحة الكيميائية منها اجهاض الحوامل وقيء الدم. يقول تقرير أطباء بلا حدود وفقما اقتبس البروفسور رييفز في مقاله: (إن الأعراض التي ظهرت في الضحايا لا تترك مجالا للشك في طبيعة الأسلحة المستخدمة. لقد اقتضى الأمر إجلاء اثنين من موظفي برنامج الغذاء العالمي الميدانيين الذين عادا إلى لينيا، بعد ثلاثة أيام من القصف، فقد كانا يعانيان من الغثيان، والتقيؤ، وحروق العين والجلد، وفقدان التوازن والصداع. بعد الحادثة أوقف برنامج الغذاء العالمي عملياته في المنطقة، واضطرت معظم المنظمات الإنسانية ضمن عملية شريان الحياة في السودان إلى تعليق أنشطتها بعد أن أعلنت الأمم المتحدة أن المنطقة تشكل خطورة على حياة أفرادها).
ويعقب ريفز بالقول: (لقد كانت هناك تقارير متكررة باستخدام الأسلحة الكيميائية بعد 1999م، لم يتم التحقيق حول أيٍ منها من قبل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، الشيء الذي يقتضي تقديم طلب بالتحقيق من دولة موقعة، حيث تفيد المنظمة بأنه: من مزايا اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية الفريدة تضمينها لـ”تفتيش التحدي”، وفيه يمكن لأية دولة طرف تشك في امتثال دولة طرف أخرى أن تطلب من المدير العام إرسال فريق تفتيش. وتحت إجراء “تفتيش التحدي” في الاتفاقية تلزم الدول الأطراف نفسها بمبدأ التفتيش “في أي وقت، وفي أي مكان” دون أن يكون لها حق في الرفض).
وفي نهاية مقاله يقول ريفز راسما صورة قاتمة للتواطوء الدولي مع نظام الخرطوم: (من الصعوبة بمكان تجنب الاستنتاج بأن المجتمع الدولي وببساطة لن يحقق في مزاعم هجمات الأسلحة الكيميائية في السودان، على الرغم من شدة تركيزه على التحقق من استخدام الأسلحة الكيميائية في الحرب في سوريا، والخطابة المحمومة التي انغمس فيها وزير الخارجية جون كيري). وأضاف: (إننا ربما نتساءل عما سيكون عليه رد فعل كيري إزاء الأدلة الدامغة على استخدام الخرطوم للأسلحة الكيميائية).
وشرح ريفز أسس الحصانة الدولية المسبغة على النظام بقوله: (إن التحركات الغليظة التي تقوم بها إدارة أوباما وأوربا نحو التقارب مع نظام الخرطوم ربما كانت ذات دوافع مختلفة، ولكنها تتناغم في أثرها الحتمي بتشجيعها للخرطوم على الاعتقاد بأنها يمكن أن تستخدم تكتيكات إبادة جماعية للقضاء على التمرد من أي نوع تراه لاستكمال إخضاع دارفور عسكرياً.)
ثم قال بيأس مر: (إن استخدام الأسلحة الكيميائية هو المثال الأكبر على شعور الخرطوم بحصانتها من العقاب- حصانة صارت تعتمد عليها في حملاتها العسكرية المحلية الوحشية، وفي تنظيم انتهاكاتها الواسعة لحقوق الإنسان وطيفها الواسع من التدابير القمعية، وفي دعم الإسلاميين الراديكاليين (على سبيل المثال، الفجر الليبي في ليبيا). وطالما أن الأوروبيين أشد اهتماما بوقف تدفق اللاجئين من أفريقيا إلى القارة الأوروبية، وطالما أن المصلحة الحاكمة التي تنظم العلاقات الثنائية بين واشنطن والخرطوم تتوقف على “المعلومات الاستخباراتية لمكافحة الإرهاب” المفترض أن يوفرها النظام، فإننا قد نتوقع أن نرى انتهاكات أكثر فظاعة للقانون الدولي ومن النوع الذي سجلته منظمة العفو الدولية بذلك التفصيل الموثوق)
Eric Reeves has written extensively on Sudan for almost two decades; he is a Senior Fellow at Harvard University’s François-Xavier Bagnoud Center for Health and Human Rights]