اريك ريفز يكشف السقوط الاخلاقى للمجتمع الدولى فى قضية استخدام الاسلحة الكيميائية بدارفور
October 11, 2016
http://www.hurriyatsudan.com/?p=210774
Al-Hurriyat overview of “Amnesty International Report on Chemical Weapons Use in Jebel Marra: UN and African Union Responses”
Eric Reeves | October 10, 2016 | http://wp.me/p45rOG-1Wy and Sudan Tribune | October 10, 2016 http://www.sudantribune.com/spip.php?
(حريات)
أكد البروفسير إريك ريفز – الخبير الأمريكي فى شئون السودان – ان الاستجابة الدولية لتقرير أمنستي عن استخدام السلاح الكيميائي في جبل مرة لم تكن متناسبة مع فداحة ما كشفه التقرير، وكشف كيف تواطأت قوات اليوناميد لإخفاء الحقائق مع الخرطوم، كما كشف تحريف وكيل الأمم المتحدة لقوات حفظ السلام هيرفيه لادسوس تصريحات منظمة حظر الأسلحة الكيميائية حول الأمر.
وكتب ريفز في مدونته الخاصة بالسودان مقالا بعنوان (تقرير منظمة العفو الدولية حول استخدام الأسلحة الكيميائية في جبل مرة: استجابة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي) ، أمس 10 أكتوبر.
وقال ريفز مشيراً إلى تأخر الاستجابة المطلوبة إننا وعلى مدى اثنى عشر يوماً (بعد تقرير منظمة العفو الدولية المقنع حول اعتداءات نظام الخرطوم المدمرة على منطقة جبل مرة بدارفور هذا العام)، قد (تركنا نهباً للتساؤل عما إذا كان المجتمع الدولي مستعدا للمضي أبعد من لحظات الإدانة الوجيزة التي تلت صدور التقرير (أرض محروقة وهواء مسموم: قوات الحكومة السودانية تدمر جبل مرة في دارفور). وأوضح أن الأدلة الصارخة لا تدع مجالا لشك معقول حول تـأكيد استخدام الأسلحة الكيميائية مستشهداً بالتحليل المهني من قبل خبراء في الأسلحة غير التقليدية و(عشرات الصور التي تكشف تمزق اللحم البشري، والأعضاء الداخلية، والأمراض التي لا يمكن أن تعزى لأي مرض بشري معروف. إننا نفتقر للأدلة المادية، بمعنى أنه ليست لدينا عينات من التربة أو شظايا القنابل، أو عينات من الدم. ولكن وببساطة ليس هناك تفسير معقول آخر لما توضحه تلك الصور البشعة، أو الإفادات المتقاربة بشكل ملحوظ التي جاءت من مناطق تفصلها مساحات واسعة في مرتفعات جبل مرة).
وأشار لما ذكره في مقاله السابق الذي استعرضته (حريات) حول استخدام الخرطوم للأسلحة الكيميائية من قبل بدليل تقرير أطباء بلا حدود.
وأضاف ريفز (إن نوبة الإدانة القصيرة التي سمعناها ستستنفد الاهتمام الدولي، وهي تعكس مدى ضيق فهمه للخلاصات الأوسع التي وصل لها تقرير منظمة العفو الدولية: فقد تم تدمير كامل لجبل مرة معقل جيش تحرير السودان جناح عبد الواحد، وذلك كوسيلة لسحق التمرد في دارفور مرة واحدة وإلى الأبد). مؤكداً أن المدنيين شكلوا الأغلبية الساحقة لأهداف هجوم الخرطوم العسكري، وأن عدد الذين ماتوا أو جرحوا أو شردوا بهجمات الأسحة التقليدية أضعاف ضحايا الأسلحة الكيميائية. حيث شملت الهجمات هجوما عشوائياً بالطائرات الحربية على قرى مدنية ليس فيها وجود عسكري. وإن نهب وتدمير القرى، والاغتصاب، والقتل، والدمار العام للحياة المدنية كانت هي الأهداف الرئيسية للهجوم، وأيضاً في مناطق لا وجود فيها للمتمردين في العادة. وقال مؤكداً (إن مكافحة التمرد في دارفور تظل تحافظ على طابع الإبادة الجماعية : المستهدفون في جبل مرة هم في الغالب أفراد قبيلة الفور، غير العربية/ الأفريقية والتي ينظر لها على أنها القاعدة المدنية الداعمة لجيش تحرير السودان/ فصيل عبد الواحد. إن تدمير الحياة المدنية في جبل مرة عبر استهداف أهالي الفور إثنيا كوسيلة لشن الحرب، لا يدع مجالا للشك حول صلته بمختلف أعمال الإبادة المنصوص عليها في المادة 2 من اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1948 بشأن منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها).
وتساءل ريفز: هل سيكون هناك تحقيق؟ ثم أورد الالتزامات المنصوص عليها في اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، واصفاً تلك الأسلحة بأنها (ببشاعتها المعروفة، ببساطة تستهدف تدمير المدنيين . فهي، كما أعلن وزيرة الخارجية الامريكية جون كيري -الذي كان يتحدث عن استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا- “سقطة أخلاقية”) وأضاف: (الملاحظ أن كيري لم يذكر اي تعبير غضب مماثل حول ما يحدث في جبل مرة رغم أدلة منظمة العفو الدولية المقنعة جدا ).
وقال ريفز إن استخدام هذه الأسلحة يجب التحقيق فيه، فهي محظورة بموجب اتفاقية الأسلحة الكيميائية (المادة 10)؛ وأكد أن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لديها تفويض واضح للتحقيق حول المزاعم ذات الصدقية بشأن استخدام الأسلحة الكيميائية. وشرح بالقول (الواقع أن تفويض منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لا يمكن ان يكون اكثر وضوحا: تتولى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية مهمة تنفيذ أحكام اتفاقية الأسلحة الكيميائية توخياً لتحقيق مطمح المنظمة المتمثـِّل في جعل عالمنا عالماً خالياً من الأسلحة الكيميائية وغيرَ مهدَّد باستخدامها، عالماً يُشجَّع فيه التعاون على تسخير الكيمياء للأغراض السلمية لصالح الجميع. وإذ نضطلع بهذه المهمة فإننا نرمي في نهاية المطاف إلى الإسهام في تعزيز الأمن والاستقرار الدوليين، وفي نزع السلاح العامّ والكامل، وفي التنمية الاقتصادية على الصعيد العالمي.. ولهذه الغاية تقترح الأمانة الفنية مناهج لتطبيق الاتفاقية على الدول الأعضاء في المنظمة، وتقوم مع هذه الدول ولصالحها بوضع وتنفيذ البرامج اللازمة. ولهذه البرامج أربعة أهداف عامة: ضمان وجود نظام شفاف ذي مصداقية للتحقق من تدمير الأسلحة الكيميائية، والحيلولة دون عودتها إلى الوجود، والسهر في الوقت ذاته على حماية المصالح المشروعة المتعلقة بالأمن القومي وبحقوق الملكية)..
وقال ريفز إن الدول الأعضاء في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية تمثل ما يقارب من 98% من سكان العالم، و(السودان من الدول الموقعة على كل من اتفاقية الأسلحة الكيميائية ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية).
وفي تقييم واقعي لاحتمالات التحقيق لم يتفاءل ريفز كثيراً، وقال (بطبيعة الحال، لن يكون هناك تحقيق في استخدام الخرطوم للأسلحة الكيميائية في جبل مرة. فإن النظام لن يسمح أبدا بمثل هذا التحقيق، وسوف يجاري الرضوخ الدولي هذا العناد من جديد). وأضاف (علاوة على ذلك، فبينما الغرب يتردد تكبر العقبات أمام ذلك التحقيق).
وأشار لمساعدة بعثة اليوناميد (التي وصفها بالميئوس من فعاليتها والمفضوحة أخلاقيا) لسفاحي الخرطوم، فقد جاء في بيان صدر من وزارة الخارجية السودانية (إن رئيس بعثة حفظ السلام المختلطة في دارفور (يوناميد) مارتن أوهومويبهي شدد على أن مهمته لم تتلق أي معلومة حول أن الأسلحة الكيميائية استخدمت في دارفور) …. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية غريب الله الخضر (ان أوهومويبهي قال لـ[وزير الخارجية إبراهيم غندور] أنه برغم وجود 20,000 عاملين بالبعثة على الأرض في دارفور، فإن أيا منها لم يلق دارفوريا عليه أثر استخدام الأسلحة الكيميائية كما وصفها تقرير منظمة العفو الدولية. واضاف ان رئيس يوناميد أبلغ غندور أنه لم يأت أي نازح تظهر عليه تلك الأوصاف في أي من عيادات مواقع الفريق الميداني ليوناميد والتي يتوجوهون إليها للحصول على المساعدة).
وأضاف ريفز (ربما يمكننا هنا تجاوز كذب غندور المعتاد، نظرا لحقيقة أن النيجيري مارتن أوهومويبهي قد أثبت عقمه ولا فعاليته مثله مثل رؤساء قوات حفظ السلام السابقين المخادعين والفاسدين، وعلى الأخص رودولف أدادا وإبراهيم قمباري ، فمن المحتمل جدا أن يكون قال ما عزاه غندور له. فأوهومويبهي ببساطة غير موثوق به وأثبت أنه أداة للخرطوم في مناسبات كثيرة أشد جلاء من هذه التعليقات).
وأشار ريفز لأن اليوناميد لم تتح لها لسنوات الوصول للمناطق التي ذكرت امنستى استخدام أسلحة كيميائية فيها بجبل مرة، وان عدم ذكر أوهومويبي لسبب عدم جمع قواته البالغة عشرين ألفاً أدلة تنفي نتائج امنستي هو أمر ذو مغزى، (والسبب بسيط فالبعثة لا تستطيع الوصول للمناطق المذكورة في تقرير امنستي).
وأكد إنه لا أحد يهتم بجدية بتقييم الحقائق في دارفور يعتبر تقارير يوناميد (أكثر من كونها بعثة فاشلة تحاول عمل ما بوسعها لإخفاء ذلك الفشل). وقال إنه من غير المؤكد هل أن يوناميد فعلاً فشلت فشلا ذريعا في أن يبلغ سمعها ما ذكرته امنستي في تقريرها، أو ما إذا كان هناك كذب أو إخفاء للأدلة في أحد مستويات “التسلسل القيادي لدى كتابة التقارير” في هذه القوة المحبطة والعاجزة.
وقال ريفز إن المجتمع الدولي أمامه خيار قاس: فإما أن يصدق رئيس اليوناميد أوهومويبهي وإبراهيم غندور، الذي يمثل النظام الذي كم كذب وألغى التزاماته الناشئة عن معاهدات في مناسبات لا تحصى، بما في ذلك منعه باستمرار وصول اليوناميد في دارفور على الرغم من توقيعه لاتفاقية وضع القوات في يناير 2008، والتي تضمن صراحة حرية التنقل للبعثة ووصولها لكافة مناطق النزاع، أو أنه وبرغم معرفته بأن الخرطوم سوف ترفض السماح بإجراء تحقيق تحت رعاية منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، يطالب بإجراء مثل هذا التحقيق، الأمر الذي يعني إلزام الخرطوم بانتهاك تعهداتها بموجب اتفاقية حظر الأسحلة الكيميائية.
ثم تطرق ريفز لتحريف قام به وكيل الأمين العام لعمليات حفظ السلام هيرفيه لادسوس، الذي وصف سجله في دارفور بالبائس ، وأوضح كيف أنه بعد عدة أيام من صدور تقرير امنستي قال (وفيما يتعلق بمزاعم استخدام الحكومة للأسلحة الكيميائية ضد المدنيين في جبل مرة، قال السيد لادسوس إن الأمم المتحدة لم يصادفها أي دليل يدعم تلك المزاعم. ولكنه أشار إلى أن اليوناميد مُنعت باستمرار من الوصول إلى مناطق النزاع في جبل مرة. وأن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية قد ذكرت في تقييم أولي لها بأنها وبدون إتاحة المزيد من المعلومات والأدلة فلا يمكنها استخلاص أية استنتاجات، مركز أنباء امم المتحدة، 4 أكتوبر).
وعلق ريفز قائلا (في الواقع، لادسو يشوه بجدية هنا ما قالته المنظمة حتى الآن؛ والذي لا يتضمن حديثاً يدعم مزاعم لادسوس بأن منظمة الأسلحة الكيميائية قد ذكرت ” بأنها وبدون إتاحة المزيد من المعلومات والأدلة فلا يمكنها استخلاص أية استنتاجات ” واورد هنا، وبشكل كامل، كل ما ذكرته المنظمة على موقعها على الانترنت: منظمة حظر الأسلحة الكيميائية تفحص تقرير منظمة غير حكومية للتحقيق في مزاعم استخدام الأسلحة الكيميائية في السودان | الخميس 29 سبتمبر، 2016: ردا على أسئلة بشأن تقرير منظمة العفو الدولية، فإن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية تدرك أن منظمة العفو الدولية أصدرت تقريرا بعنوان “أرض محروقة، وهواء مسموم: قوات الحكومة السودانية تدمر جبل مرة في دارفور” الذي يضم بعض مزاعم استخدام الأسلحة الكيماوية في منطقة دارفور في السودان. بالتأكيد سوف تقوم المنظمة بدراسة التقارير وجميع المعلومات الأخرى المتاحة ذات الصلة).
ثم أضاف ريفز (هذا التفسير المخادع لبيان منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لا يشجع على الاعتقاد بأن الأمم المتحدة سوف تتخذ أي دور ذي مغزى في المطالبة القوية على الأقل بالتحقيق).
وقال إنه وعلى صعيد آخر طرحت كل من فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة كمبادرين محتملين للمطالبة بتحقيق منظمة حظر الأسلحة الكيميائية ، ولكن كل يوم يمر يجعل ذلك يبدو أقل احتمالا. وإن “السقطة لأخلاقية” في استخدام الأسلحة الكيميائية، مثلما ذكرها جون كيري حيثما أراد، ليست سوى سقطة أخرى في الإبادة الجماعية المدمرة والتي تفوق التصور في دارفور، والتي تكاد تبلغ مدتها الآن أربعة عشر عاماً.
Eric Reeves has written extensively on Sudan for almost two decades; he is a Senior Fellow at Harvard University’s François-Xavier Bagnoud Center for Health and Human Rights]