مقابلة مع دكتور توم كاتينا حول جبال النوبة واستعراض
مختصر لآخر مستجدات الوضع الإنساني في المنطقة
[Arabic translation of “An Interview with Dr. Tom Catena concerning the Nuba Mountains of South Kordofan”; published in al-Hurriyat, March 13, 2013]
اريك ريفز
9 مارس 2013
ملحوظة: ظل الدكتور توم كاتينا يقدم خدماته الطبية في جبال النوبة الواقعة في ولاية جنوب كردفان, بالسودان لخمس سنوات الآن, بما في ذلك خلال الشهور الإحدى وعشرين الماضية التي شهدت معارك وحشية في هذه المنطقة. لم يكن اندلاع الحرب أمراً مستغرباً بالنسبة لدكتور كاتينا, فقد شهد هو وفريقه الطبي من أبناء النوبة الانحسار والتراجع التدريجي لكل الفرص المؤدية إلى سلام ذي معنى في المنطقة. فـ”المشورة الشعبية” لإتفاقية السلام الشامل (2005), لم توفر وعاءاً حقيقياً يستجيب للتظلمات العميقة السياسية والاقتصادية لشعب جبال النوبة. ثم جاء انتخاب أحمد هارون – المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية – حاكماً لجنوب كردفان في مايو 2011, ليؤكد حتمية وقوع الحرب. كذلك ظلت الأسلحة والجيوش تتدفق إلى المنطقة ويتزايد عددها بصورة واضحة لعدة سنين (أنظر تقرير جولي فلنت, يناير 2011). لكل هذه المؤشرات لم يساور د. كاتينا الشك حول شراسة القتال القادم ـ ولا حول الحاجة لمهاراته كجراح للتعامل مع النتائج الوحشية لهذا القتال.
تحدثت مطولاً إلى د. كاتينا في الخامس من شهر مارس 2013, أثناء فترة استراحة قصيرة يقضيها- عن عمله الحيوي في جبال النوبة. في تقديري يتوجب أن توقظ أفكار د. كاتينا انتباه كل أولئك الذين يظنون أن هذه أزمة محدودة سيتم لتعامل معها بشكل ما.
اريك ريفز: هل هناك “مرحلة لا عودة” في الأوضاع الإنسانية التي ظلت تتدهور على نطاق جبال النوبة، مرحلة سنرى فيها فرار جماعي للسكان من وضع منفلت وغير قابل للسيطرة؟
الدكتور توم كاتينا: أنا أعمل في مستشفى وادي كاودا، الذي يقع في قلب جبال النوبة، وعلى الرغم من حالات القصف الجوي الكثيرة، إلا أننا لم نتعرض لأسوأ أنواع العنف على الأرض، من نوع الذي تعرضت له أجزاء كثيرة من جبال النوبة, وجنوب كردفان بصورة عامة. لكن من هذه الزاوية، صحيح، نحن نقترب من “مرحلة اللاعودة” – لأن القوى التي قد تتسبب في فرار جماعي مطلقة السراح حالياً. فحصاد الذرة لهذا العام كان سيئاً جداً- أسوأ من العام الماضي، الذي عانى بدوره من مشاكل جمة- ونحن نشهد الاَن, في يناير, اطفالاً جياعاً. ونسبة لأن حصاد الذرة كان في شهر نوفمبر، فمن المفترض أن يكون الوقت مبكراً جداً لنرى ما نراه من سؤ تغذية، وهذا نذير شؤم أيضاً.
كذلك إنقطعت فرص التعليم بالنسبة للأطفال والشباب، هذا أيضاً سرّع من وتيرة الفرار من جبال النوبة، بعد أن بدأ الناس يبحثون عن التعليم لأبنائهم في معسكر ييدا للاجئين ( بولاية الوحدة، جنوب السودان).
اريك ريفز: في 2 فبراير 2012 أقترح الإتحاد الأفريقي، والجامعة العربية والأمم المتحدة بصورة مشتركة ما يُعرف بالإتفاق الثلاثي لتوصيل الاغاثة لجنوب كردفان والنيل الأزرق، ووافق الجيش الشعبي لتحرير السودان- قطاع الشمال على الإتفاق خلال أيام، لكن الخرطوم لم تلتزم حتى إسمياً بالاتفاق إلا بعد عدة شهور من التأخير المتعمد – ثم تراجعت. هل ترى أن هناك فوائد نتجت عن هذا الإتفاق الذي لا زال إتفاقاً نظرياَ؟
دكتور كاتينا: لا شيئ على الإطلاق. يبدو أن الأطراف التي أبرمت الإتفاق ليس لديها الإرادة السياسية لترى إتفاقها يُنفذ على الأرض- والخرطوم لا تدفع أي ثمن على تراجعها عن الإتفاق- في الواقع, ولا عن إتفاقات أخرى كثيرة تراجعت عنها. لكن، [للإجابة على سؤالك] لا، لم أرى أي تحسن في فرص وصول العون الإنساني.
اريك ريفز: قلت إنك رأيت هجمات جوية كثيرة جداً بـ”قاذفات القنابل” من طراز أنتنوف، وهي طائرة شحن روسية معدلة, وليس لها أي قدرات تصويب مفيدة عسكرياً. ما هي تداعيات هجمات القصف الجوي بهذه الطائرات؟
د. كاتينا: أحصيت حوالي 150 ضحية لهجمات القصف الجوي فقط في المستشفى الذي أعمل به، وعلى الرغم مما بذلناه من جهد فائق مات عدد من هؤلاء الناس. الإصابات التي يأتون بها مروعة، كثيراً ما تكون مهددة للحياة. من غير تدخل جراحي، فإن ثلاثة أرباع عدد الناس اللذين يتعرضون لهذه الإصابات يموتون. وأنا أعالج فقط اولئك الذين يتمكنون من الوصول إلينا في كاودا. نحن نسمع أصوات تلك القاذفات طوال الوقت.
اريك ريفز: هل هناك أي دليل على أن التصويب والاستهداف ذو طبيعة عسكرية؟
د.كاتينا: لا. أحياناً يأتينا أحد جنود الجيش الشعبي بقطاع الشمال مصابا بشظية سقطت من طائرة أنتنوف، ولكنه سيكون أصيب عن طريق الصدفة، وليس بسبب موقعه العسكري.
اريك ريفز: ذكرت في حديث سابق أن الخرطوم لم تعد تستخدم طائراتها العسكرية الحقيقية، مثل طائرة السوخوي -25 النفاثة. ما هي طبيعة الهجمات العسكرية الجوية في الوقت الحالي؟
د. كاتينا: استقر الوضع الاَن، نحو ما، على القصف الجوي بطائرات الانتنوف، هذا هو الروتين اليومي – وهو قصف مكثف وغير منتظم، بحيث لا يستطيع الناس العمل في مزارعهم الكبيرة، أو الذهاب إليها في مناطق تبعد عن ملاجئهم. هذا هو السبب الرئيسي في ضعف حصاد الذرة لهذا العام. فالغالبية العظمى من غارات القصف الجوي بالانتنوف موجهة ضد المدنيين، بعيداً عن أماكن القتال.
اريك ريفز:
هناك تقارير مستمرة عن الأوضاع في جبال النوبة، خاصة من النوبة ريبورت (s.org http://www.nubareports.org), التي يشرف عليها موظف الإغاثة الأمريكي الجنسية ريان بويتي. ما هي في نظرك مصداقية هذه التقارير، خاصة وأنها تأتي من مناطق تنتشر على رقعة واسعة من جبال النوبة، وتوحي بتواصل القصف الجوي العنيف ضد المدنيين؟
د.كاتينا: بالنسبة لي تبدو هذه التقارير حقيقية،عندما أقارن, من منطلق تجربتي الشخصية، ما أراه منشوراً في موقعهم الالكتروني, أجد أن هذه التقارير صحيحة وجيدة.
اريك ريفز: بناءاً على ما رأيت، هل لديك أي شك في أن هناك دوافع إثنية لهذه الهجمات، خاصة بالنظر إلى غياب الأهداف العسكرية؟
د. كاتينا: لا
اريك ريفز: ما هي توليفة القوات المسلحة السودانية العاملة في جبال النوبة وجنوب كردفان ؟
د. كاتينا: في مرحلة مبكرة من الحرب كان عدد المجندين النوبة مرتفع نسبياً، ولكن هذا الوضع تغير. فالنوبة الذين قاتلوا مع القوات المسلحة السودانية كانوا عادة من مناطق تسيطر عليها الخرطوم أثناء الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب. حالياً فإن المجندين في الجيش هم من العرب، في الغالب، وأساليب الإبقاء وحشية، بسبب الأعداد الكبيرة من المنشقين عن الخدمة، ومنهم من ترك معدات عسكرية مهمة، لتستولي عليها الحركة الشعبية- قطاع الشمال، شملت دبابات، والدبابات لا بد من اخلائها أولاً ليتم الاستيلاء عليها.
اريك ريفز: كيف هي الروح المعنوية في أوساط شعب النوبة، بما أنك تعيش بينهم منذ بداية الحرب؟
د.كاتينا: هناك نوع من اللامبالاة القاتمة في أوساط الكبار، في منطقة كاودا- إنهم مصممون على الصمود، وكثيرون منهم لا زالوا يذكرون ما كان عليهم أن يتحملوه في التسعينات. ولكن الشباب، خاصة اولئك الذين انتظموا في المدارس، فيعانون من الإحباط العميق وهم يرون أن فرصهم في إكمال تعليمهم تتلاشى يوماً بعد يوم. هؤلاء يرون أن مستقبلهم مربوط بالتعليم، ولكن المستقبل لا يعد بالكثير في هذا المجال مع مرور الأيام. لذلك فإن الدافع الرئيسي لأولئك الذين يتركون منطقة كاودا إلى معسكر اللاجئين في ييدا ( ولاية الوحدة، جنوب السودان) هو مواصلة تعليمهم.
اريك ريفز: هل حاولت الحركة الشعبية – قطاع الشمال، الاستيلاء على الغذاء بالقوة من السكان المدنيين؛ فقد كانت هذه إحدى المشاكل الخطيرة خلال الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب.
د. كاتينا: لا، هناك طلبات تصدر بتبرع المدنيين بكميات قليلة من الذرة، ولكن دون أي إستخدام للقوة. وهناك قدر كبير جداً من التضامن في أوساط النوبة بصورة عامة، وسيكون من الخطأ التقليل من التزامهم القوي بأرضهم وأسلوب حياتهم.
اريك ريفز: هل سيقاتلون الخرطوم حتى الموت؟
د.كاتينا: نعم سيفعلون. لا توجد أي وسيلة لأخضاع هؤلاء الناس عسكرياً.
اريك ريفز: هل رأيت أي دليل على دعم قادم من جوبا إلى الحركة الشعبية- شمال؟
د. كاتينا: لا، حتى أن وجود رجال الدينكا أصبح نادراً حالياً. كان هناك بعض الجنود من الدينكا في الأيام الأولى للحرب، ولكن وجودهم الاَن نادر جداً في منطفة كاودا حيث أعمل.
اريك ريفز: هل كان من الممكن تفادي الحرب في جبال النوبة؟ هل كانت متوقعة؟
د.كاتينا: كنا نعلم قبل عام من اندلاع القتال بأنه لم يعد هناك طريق للسلام، انتخاب الوالي في جنوب كردفان، الوعد المجرد بـ”المشورة الشعبية”، التصعيد العسكري – هذه العوامل معاً خلقت عقبات لم يكن من الممكن التغلب عليها.
اريك ريفز: ما هو المطلوب إذاً، لإعادة السلام إلى جبال النوبة؟
د.كاتينا: يجب أن يعرف الناس بهذا الأمر، يجب أن تعرف كتلة حرجة من الناس المدى البشع من العنف الوحشي الذي أدى لمعاناة هؤلاء الناس. على الرغم من التقارير الكثيرة حول الأوضاع، ليس هناك غضب كاف لدفع الفاعلين الدوليين للتحرك. لا يمكن لأحد أن يخدع الخرطوم بالكلام، ولا يمكن تقييدها بالمزيد من الاتفاقات. لقد استطاعت أن تجد مخارج عن كثير جداً من الاتفاقات، والكلام بالنسبة لها لا يعدو أن يكون بيانات فارغة.
[نهايةالمقابلة]
صدرت في الاَونة الأخيرة عدد من التقارير الحديثة من اشخاص اَخرين سافروا إلى جبال النوبة والنيل الأزرق، في بعثات لتقييم الوضع هناك. العديد من هذه التقارير تحمل نفس المعلومات الصادرة عن التقرير المطلع للدكتور كاتينا. على وجه الخصوص توصلت ايجس ترست اند هارت البريطانية (Aegis Trust and HART)، مؤخراً إلى نتائج هامة بشأن الوضع في المنطقة، وذلك في أعقاب زيارات لتقييم الوضع في كل من النيل الأزرق وجبال النوبة
المواطنون يعانون من الجوع، والقصف الجوي في الولايتين اللتين تمزقهما الحرب ( وكالة الأنباء الفرنسية [جوبا] 9 يناير 2013
” حذر موظف سابق رفيع، للأمم المتحدة في السودان، الجمعة، من أن عملية “تطهير عرقي” تجري حالياً في الجزء الجنوبي من السودان، حيث يعاني المواطنون من الجوع، والأمراض، والقصف الجوي في الولايتين اللتين مزقتها الحرب. ودعا موكيش كابيلا، الذي عاد لتوه من رحلة إلى ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، حيث يدور قتال ضاري بين الثوّار وقوات الحكومة السودانية، لأكثر من عام- دعا المجتمع الدولي إلى مد يد العون لمليون ونصف المليون شخص يسكنون الولايتين المجاورتين لجنوب السودان.
“اكتمل التطهير العرقي إلى حد كبير …. تم إخلاء مناطق الثوار من السكان وهي الاَن خالية في الغالب الأعم”. هذا ما قاله موكيش كابيلا، المنسق السابق لعمليات العون الإنساني التابعة للأمم المتحدة في السودان ( 2003-2004). وجاءت تصريحاته كابيلا هذه قبل نشر بيان الصندوق الخيري لمناهضة الإبادة الجماعية لمنظمة إيجس (Aegis) الجمعة 13 يناير 2013، والذي يتولى كابيلا فيه منصب الممثل الخاص.
“أما في النيل الأزرق، حيث يقدر كابيلا أن 450 ألف شخص تأثروا بالنزاع، فيقول كابيلا إن القرى والحقول دُمرت، بينما تصف إذاعة الحكومة السكان بأنهم “اكياس بلاستيك سوداء يجب تنظيف المنطقة منها”
إذاً, فإذاعة الحكومة السودانية تصف السكان الأفارقة في النيل الأزرق بأنهم “أكياس بلاستيك سوداء يجب تنظيف المنطقة منها”. يتوجب علينا، إذا أردنا ان نفهم الوحشية التي تتحدث عنها تقارير الهجمات ضد المدنيين, والتي يتواصل صدورها من النيل الأزرق، وكذلك جنوب كردفان – يتوجب أن يكون واضحاً في أذهاننا حجم العداء العنصري العميق, الذي كان أحد سمات الوضع أثناء الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب، وكذلك لدى استيلاء الخرطوم على ابيي من أهلها الأصليين من دينكا نقوك (مايو 2011)، وعندما قادت الخرطوم عملياتها المضادة للثوار, القائمة على الإبادة في دارفور. كذلك تُعتبر الحملة التي نفذتها الحكومة ضد النوبة, في التسعينات, إبادة جماعية، ولا علم لي بخلاف حول هذا الوصف. لذلك فليس هناك ما يدعو للدهشة بشأن هذا التنميط العنصري للمواطنين في جبال النوبة والنيل الأزرق.
وليس بمستغرب أيضاً أن يتواصل فرار الناس إلى جنوب السودان، وإلى كل من ولايتي الوحدة وأعالي النيل. وقد أعلن مكتب تنسيق العون الإنساني التابع للأمم المتحدة (OCHA)، مؤخرا أنهم يتوقعون تدفقات كبيرة من اللاجئين في الشهور القادمة، قبل بدء موسم الأمطار التالي.
قلق بشأن الأعداد الكبيرة من الواصلين إلى ييدا ( نشرة صحيفة صادرة عن OCHA) :
أبدت عدد من وكالات العون الإنساني قلقها بشأن الأعداد الكبيرة من اللاجئين اللذين يصلون إلى ييدا. فبعد أن وصل عدد الذين تسجلوا, في الأسبوع الماضي إلى 1.400 شخص، صار عدد المقيمين في المعسكر يرتفع بصورة تفاقم من تدهور الأوضاع في المعسكر المزدحم أصلاً. إذا استمرت معدلات الوصول بهذه الصورة، فقد يصل عدد الواصليين إلى المعسكر إلى 12.000 شخص بحلول شهر يونيو، وبداية موسم الأمطار [إلى ذلك فإن عدد اللاجئين في ولاية أعالي النيل أكبر بكثير ويتزايد هو الاَخر بسرعة كبيرة – اريك ريفز [ وكالة أخبار أفريقيا، جوبا جنوب السودان، 20 فبراير 2013]
أحد مصادر القلق من الإزدحام المفرط هو تزايد معدلات إلتهاب الكبد الوبائي.
“قالت الإمم المتحدة إن تفشي مرض إلتهاب الكبد الوبائي, منذ يوليو الماضي, أدى إلى موت 111 لاجئاً في المعسكرات في جنوب السودان، وإن هذا المرض قد تحول إلى وباء يضرب المنطقة حاليا”ً.
“و قال ادريان ادواردس, المتحدث باسم وكالة الأمم المتحدة للاجئين، إن تدفق السكان إلى المعسكرات من دولة السودان المجاورة هو أحد العوامل في الإنتشار السريع لهذا المرض الفيروسي الإلتهابي, المعدي, والمهدد للحياة, الذي يصيب الكبد. وقال السيد ادواردس، يوم الجمعة، إن المعسكرات تعرضت لـ:6.017 إصابة بمرض إلتهاب الكبد الوبائي، الذي انتشر من خلال الأغذية والمياه الموبوءة بالفايروسات.
وقال إن أكبر عدد من الإصابات وقع في معسكر يوسف باتل بولاية أعالي النيل، والذي يأوي 32.229 لاجئاً فروا من الاقتتال بين الثوار والحكومة السودانية [الاسشيوتيد برس [جنيف] 15 فبراير 2013]
وفقاً لهذه التقارير فإن أي تدفق جديد للاجئين ينتج عن حملات الخرطوم للأبادة في كل من النيل الأزرق وجبال النوبة (http://Sudanreeves.org/?p=3773 ) ، سيؤدي حتماً إلى المزيد من تفشي هذا المهدد الصحي القاتل، والذي يصعب جداً القضاء عليه . ولكن في واقع الأمر فقد تسارعت وتيرة الهجمات ضد المدنيين، على الأرض ومن الجو، خلال موسم الجفاف الحالي. وقد أوضح ياسر عرمان الأمين العام للحركة الشعبية و الجيش الشعبي – قطاع الشمال, مؤخراً. حقيقة الأوضاع في النيل الأزرق في كلمات قوية قائلاً:
“الحكومة السودانية تهاجم معسكرات النازحين في النيل الأزرق و8000 نازح في حالة فرار.
“استأنف الجيش السوداني والمليشيات المتحالفة معه منذ يوم 1 فبراير وإلى صباح يوم 17 فبراير حملتهم العسكرية لموسم الجفاف, وذلك في المنطقة المزدحمة بالمدنين النازحين إلى قرية موفا والمناطق المحيطة بها, والتي تبعد حوالي 21 كيلومتر جنوب غرب الكرمك. وتواصل القتال في الأيام الثلاثة الماضية بقصف جوي مكثف من سلاح الطيران السوداني على معسكرات النازحين في القرية، مما نتج عنه فرار 8000 من النازحين من السكان المدنيين باتجاه حدود إثيوبيا وجنوب السودان. ويتوجب الإنتباه بجدية هنا إلى أن القصف الجوي والأرضي للجيش السوداني والمليشيات المتحالفة معه أدى إلى نزوح أكثر من 70% من سكان المناطق الريفية في النيل الأزرق، وبذلك يكون 200.000 من السكان المدنيين قد أصبحوا لاجئين في أثيوبيا وجنوب السودان (17 فبراير 2013)
هناك أيضاً تقارير مستمرة عن حشود عسكرية على طول الحدود بين الشمال والجنوب، يمكن أن تؤدي مرة أخرى إلى إشتعال النزاع، وربما إلى حرب شاملة. ولا زالت الأوضاع في منطقة ابيي تتأزم، ومن الواضح أن الخرطوم تريد للوضع أن يستمر على هذا المنوال كوسيلة للضغط من جانبها. لذلك فإن خطر تجدد الحرب، واحتمالات نشوبها تظل قائمة وعالية.