دارفور: حفظ السلام والجرائم الوحشية لا دارفور: حفظ السلام والجرائم الوحشية لا يجتمعان
اريك ريفز
Arabic translation:
Darfur: Peacekeeping and Atrocity Crimes Don’t Mix
Enough Project, November 21, 2012
http://www.enoughproject.org/blogs/darfur-peacekeeping-and-atrocity-crimes-dont-mix
Eric Reeves
في الثالث عشر من نوفمبر الجاري, اتخذت البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الافريقي في دارفور, المعروفة بـ”يوناميد”, قراراً يالقيام بعملية ’إخلاء طبي‘ لما يقارب اثني عشر مصاباً من جنود القوات المسلحة السودانية, وذلك في أعقاب معارك شرسة مع قوات متمردة في شمال دارفور. وقد تم إخلاء الجرحى إلى مدينة الفاشر, مقر القاعدة العسكرية الرئيسية للقوات المسلحة في دارفور. و ظلت مثل هذه المعارك بين القوات المسلحة والقوات المتمردين في حالة تصاعد لعدة أشهر الآن, وكذلك العنف ضد المدنيين خاصة من قبل القوات المتحالفة مع الخرطوم في دارفور. يحدث كل هذا في وقت تصر فيه اليوناميد بعناد على انحسار القتال والعنف في دارفور, مقدمة المبررات بذلك لخفض عدد القوات. الحقيقة المؤسفة, في الواقع, هي أن اليوناميد غير قادرة على توفير حضور أمني مناسب في الغالبية العظمى من مناطق دارفور التي يهددها عنف المليشيات المتحالفة مع الخرطوم.
لذلك فإن السؤال هو لماذا تختار اليوناميد استخدام مواردها, التي تقل بشدة عما هو مطلوب, لإجلاء مقاتلي الخرطوم؟ وتزداد أهمية السؤال بخاصة لأن مثل هذا الإخلاء الطبي لا يقع ضمن تفويض اليوناميد, أو إتفاق وضع القوات, وهي الوثيقة الطويلة التي وقعتها الخرطوم والأمم المتحدة/ الاتحاد الافريقي في فبراير 2008.
صحيح أن كريس سيكماريك المتحدث باسم اليوناميد لم يجانب الحقيقة تماماً عندما أعلن أن الإخلاء الطبي لا يصطدم بصورة مباشرة مع القانون الإنساني الدولي, وأن عددأ من معاهدات جنيف واضح بشأن قانونية الإخلاء الطبي. ولكن سيكماريك يغالط الحقيقة بصورة خطيرة عندما يقول إن الإخلاء الطبي لجنود القوات المسلحة السودانية هو جزء من “المتطلبات الأساسية للقانون الإنساني الدولي, والذي يقع ضمن تفويض البعثة”. من المؤكد أن القانون الإنساني الدولي يحكم تفويض وممارسات اليوناميد, ولكن مرة أخرى, لا يشير هذا القانون بكلمة واحدة إلى الإخلاء الطبي للمقاتلين. على العكس من ذلك, تركز اللغة ذات المعاني الواضحة للتفويض, بصورة كاملة ,على تحديد التزامات قوات حفظ السلام في حماية المدنيين والموظفين الإنسانيين – هذه هي المهمة ’المحورية‘ للتفويض, والإيحاء بأي شئ آخر يدخل, ببساطة, في باب الخداع.
إضافة لذلك يصمت سيكماريك صمتاً مطبقاً عندما يتعلق الأمر بالقانون الدولي لحقوق الإنسان. وصمته أمر مفهوم بالنظر إلى خنوع اليوناميد أمام انتهاكات الخرطوم الفظيعة للقانون الدولي لحقوق الإنسان, وأيضاً للقانون الإنساني, الدولي طوال الفترة الممتدة للبعثة في دارفور.
في الواقع أعلن النظام احتقاره للقانون الدولي – ولقوات الأمم المتحدة لحفظ السلام – على نطاق السودان الكبير. وقد تأكد ذلك بصورة مروعة في الثاني من اغسطس 2011, عندما رفض ضباط في القوات المسلحة السودانية السماح بإخلاء طبي عاجل لثلاثة مصابين بجروح مميتة من قوات الامم المتحدة لحفظ السلام, وذلك في منطقة ابيي المتفجرة. فعلى الرغم من محاولات متكررة للحصول على إذن من القوات المسلحة في كادوقلي (جنوب كردفان), بإخلاء طبي مروحي, إلا أن طلب الأمم المتحدة قوبل بالرفض في كل مرة, إلى أن فات الأوان. لقد كان من المحتمل إنقاذ إحد هؤلاء الجنود الجرحى إن تمكن من الوصول إلى كادوقلي في وقت أبكر. وقد قال وقتها, الين لي روي, رئيس إدارة حفظ السلام بالأمم المتحدة, دون مواربة: “لم نحصل على تصريح السماح لمروحية الإخلاء الطبي بالإقلاع فوراً. منعتنا [القوات المسلحة للخرطوم] من الإقلاع بعد أن هددونا بإطلاق النار على المروحية”.
فهل تريد الأمم المتحدة حقيقة مساعدة مقاتلين لنظام يشن حرباً بهذه الطريقة؟
في الواقع تظل القضية المفتاحية التي لم يتناولها سيكماريك, هي فشل اليوناميد الواضح في فهم أبعاد وثيقة الأمم المتحدة لـ”سياسات بذل الجهد في الالتزام بحقوق الإنسان إزاء مساندة الأمم المتحدة للقوات الأمنية غير الأممية” (HRDDP), والتي تبنتها سكرتارية الأمم المتحدة في اليوليو 2011. وليس هناك شك ابتداءاً في أن جمهورية الكنغو الديمقراطية كان لها الحضور الأبرز في الأذهان عند التداول حول القضايا المشار لها بـ”بذل الجهد”, ولكن الغرض من الوثيقة يغطي دارفور بذات القدر. لأن هذه السياسات صُممت على وجه التحديد لكي تضمن عدم تقديم الأمم المتحدة لأي دعم, وبأي صورة, مباشرة أو غير مباشرة – لأي قوات عسكرية أو أمنية ارتكبت أو يمكن أن ترتكب انتهاكات جسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان. في المقابل, وحتى في الوقت الذي تعلن فيه الخرطوم, بسخرية, مسئوليتها عن توفير ’الأمن‘ لسكان دارفور, فليس هناك ما هو أوضح من أن كلاً من القوات المسلحة السودانية وحليفاتها من المليشيات ظلت تمارس جرائم وحشية وبصورة واسعة – أخرها, منذ وقت قريب, سلسلة من الهجمات القاتلة في شمال دارفور, بما في ذلك هجوم على دورية تقصي لليوناميد كانت في طريقها إلى منطقة هشابة. فقد استخدمت مليشيا موالية للنظام, في هذا الهجوم المُخطط له بعناية, أسلحة ثقيلة غير معتادة, وكان من الواضح أن الهجوم صُمم لمنع الأمم المتحدة من التقصي حول جرائم وحشية كانت ارتكبت في هشابة.
خلاصة القول هي إن موارد اليوناميد غير كافية, كما أن قيادتها فاسدة. يكشف عن ذلك بوضوح قرارها بالإخلاء الطبي. إضافة إلى ذلك, فإننا لم نعلم إلا الآن, أنه إضافة إلى الخفض الكبير الحالي للعاملين في اليوناميد, فقد تم, منذ اكتوبر الماضي سحب اسطول المروحيات القتالية الاثيوبية, التي نُشرت هناك. بذلك أصبحت يوناميد أكثر عجزاً وأقل قدرة على الحركة. لذلك, وبالنظر إلى موجهات وثيقة التعامل مع القوات غير الأممية, والحاجات الملحة لحماية المدنيين على نطاق دارفور, فليس هناك من مبرر لهذا الإخلاء الطبي لجنود القوات المسلحة السودانية. من المؤكد أن ضباط القوات المسلحة السودانية هددوا, بصورة غير قانونية, اليوناميد بعواقب وخيمة إن لم توافق على طلبهم, وكان المطلوب هو الشجاعة لرفض هذا الطلب, ولكن الشجاعة هي على وجه التحديد ما تفتقده قيادة اليوناميد.
طلبهم, وكان المطلوب هو الشجاعة لرفض هذا الطلب, ولكن الشجاعة هي على وجه التحديد ما تفتقده قيادة اليوناميد.
www.CompromisingWithEvil.org // www.sudanreeves.org